رد على حادث إطلاق النيران الذي وقع في كنيسة شارلستون
ألقى القس دافيد ماريون كلارك عظة في مرقس 4: 14-20 بعنوان: "الأرض الجيدة للأم إيمانويل،" والتي نعتقد أنها رد رائع ومقدس على هذه المأساة.
النص:
فها هي كنيسة في مدينة شارلستون بولاية كارولينا الجنوبية تعبد الرب في هذا الصباح، وقد فقدت راعيها الرئيسي كليمنتا بينكي، وإثنين من الرعاة المساعدين – شاروندا سينجلتون ودانيال سيمونز، وأيضًا الأعضاء سينثيا هيرد، وسوزي جاكسون، وإيثيل لانس، وديبين ميدلتون دوكتور، وتيوانزا ساندرز، وميرا تومبسون. كان تابعو المسيح التسع هؤلاء على وشك اختتام درس للكتاب المقدس حين أطلق عليهم النيران رجل كان قد انضم إلى الدرس في ساعة متأخرة. وهو كان قد ارتحل من كولومبيا بولاية كارولينا الجنوبية لتنفيذ هذا الفعل الذي خطط له جيدًا. ومن خلال البحث الجيد، وقع اختياره على تلك الكنيسة المحددة الواقعة بتلك المدينة المحددة. وقد اعتقد أن فعله الشرير هذا في هذه الكنيسة الأفريقية الأمريكية البارزة الواقعة بمدينة جنوبية سيشعل فتيل الحرب العرقية. ومع ازدياد حدة التوتر في بلادنا بشأن الموت المثير للجدل لأفريقيين أمريكيين على يد رجال الشرطة، كان من شأن هذا العمل المروع أن يشعل ويثير بكل تأكيد العنف من قبل السود. ففي النهاية كان قد وقع بالفعل قبل ثلاثة أشهر فقط حادث لضابط قام بإطلاق النيران من الخلف على رجل اسود البشرة أعزل. ولهذا بالتأكيد كان هذا العنف ليشعل المزيد من العنف. وهذه الكراهية البشعة لتقابلها كراهية. وكان هذا الشر الذي اعتقد ذلك الرجل الأبيض بوجوده في قلوب السود ليخرج منهم حين يطلق العنان لهجومه القاتل والإجرامي.مرقس 4: 14-20 "14اَلزَّارِعُ يَزْرَعُ الْكَلِمَةَ. 15وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ عَلَى الطَّرِيقِ: حَيْثُ تُزْرَعُ الْكَلِمَةُ، وَحِينَمَا يَسْمَعُونَ يَأْتِي الشَّيْطَانُ لِلْوَقْتِ وَيَنْزِعُ الْكَلِمَةَ الْمَزْرُوعَةَ فِي قُلُوبِهِمْ. 16وَهؤُلاَءِ كَذلِكَ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ: الَّذِينَ حِينَمَا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ يَقْبَلُونَهَا لِلْوَقْتِ بِفَرَحٍ، 17وَلكِنْ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلٌ فِي ذَوَاتِهِمْ، بَلْ هُمْ إِلَى حِينٍ. فَبَعْدَ ذلِكَ إِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ، فَلِلْوَقْتِ يَعْثُرُونَ. 18وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا بَيْنَ الشَّوْكِ: هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ، 19وَهُمُومُ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى وَشَهَوَاتُ سَائِرِ الأَشْيَاءِ تَدْخُلُ وَتَخْنُقُ الْكَلِمَةَ فَتَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ. 20وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ: الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ وَيَقْبَلُونَهَا، وَيُثْمِرُونَ: وَاحِدٌ ثَلاَثِينَ وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ مِئَةً»."
وقد نجح هذا الرجل بالفعل في تنفيذ خطته، لكن بجهد شاق. بل في الحقيقة، لقد كاد يفشل، ولم يكن هذا بسبب النظام الأمني للكنيسة، أو بسبب الشك فيه، واتخاذ قسوس الكنيسة وأعضائها احتياطاتهم بشأنه، بل كانت محبتهم هي التي كادت أن تحبط مخططه. فلو كان هذا الرجل قد دخل إلى الكنيسة، وبدأ على الفور في إطلاق النار، كانت المهمة لتكون سهلة للغاية، إلا أن مجموعة درس الكتاب المقدس رحبت به بحرارة، على الرغم من أنه كان غريبًا عنهم، ومن الواضح أنه كان شاذًا عن المكان. وهكذا جلس الرجل وانضم إلى الدرس لمدة ساعة، وتمت معاملته بطريقة لطيفة للغاية حتى أنه كاد يغير رأيه بشأنهم، وفقط حين كان الدرس على وشك الانتهاء استجمع الرجل نفسه ونفذ خطته الشريرة.
لقد فعلها! لقد أتم مهمته العنيفة، والآن سيرى العنف ينتشر على نطاق واسع كما أراد. لكن شيئًا ما لم يسر كما أراد – بل لم يسر كما أراد بصورة مخيفة. إذ لم تقع أعمال عنف، أو أعمال شغب، أو فيض من الكراهية، أو حرب عرقية. وكما لاحظ جوزيف ريلي رئيس مدينة شارلستون: "لقد جاء هذا الشخص البغيض إلى داخل هذه الكنيسة بفكرة جنونية وهي أن يتمكن من صنع انقسام، لكن كل ما فعله هو أن يجعلنا أكثر اتحادًا، وأكثر محبة أحدنا للآخر."
لكن كيف حدث هذا؟ ربما كان ديلان ستورم روف رجلًا فاقدًا عقله، لكن كانت فكرته منطقية. فإن حدة التوتر في أمتنا تزداد، بدلًا من أن تقل. وربما كانت فكرة الحرب مبالغًا فيها، لكن بالطبع كان من المتوقع أن نوعًا ما من العنف سيحدث. ويقدم لنا النص الكتابي الذي كان موضوع مجموعة درس الكتاب المقدس الذي جلس فيه هذا القاتل الشاب الجواب على هذا، فقد كانت المجموعة تدرس نص مرقس 4: 14-20، مثل الزارع، وإلقاء البذار على الأربعة أنواع من الأراضي. وفي النص نفسه، فسر المسيح البذار بأنها كانت تمثل "الكلمة،" أي كلمة الله. وبعض البذار تسقط فوق أرض صلبة (الطريق)، وبعضها فوق أرض محجرة، والبعض الآخر فوق أرض تخنقها الأشواك. والنتيجة في كل من الثلاث أراضٍ هي أن بذار كلمة الله لا تعطي ثمرًا وينتهي أمرها. لكن بعض البذار الأخرى سقطت فوق أرض جيدة، خصبة، حيث تتأصل جذور كلمة الله، فتنمو إلى نباتات مزهرة تعطي ثمرًا يفوق الثمر الطبيعي.
وكان الهدف من المثل هو أنه كما أن البذار تحتاج إلى التربة المناسبة كي تثمر، هكذا أيضًا كلمة الله تثمر فقط في القلب ذي الأرض الجيدة. فنحن يمكننا أن نسمع الكلمة، لكننا لا يمكن أن نستفيد منها إن ظلت قلوبنا مقساة أو ممتلئة بالمخاوف، والشهوات، والبغضة.
وقد خطا ديلان روف داخل كنيسة ذات أرض جيدة، مليئة بتابعي يسوع المسيح الذين سمعوا كلمة حق الإنجيل، وقبلوها، وكانوا يحملون ثمار الإنجيل. فقد تخيل القاتل أن اختياره وقع على الكنيسة المناسبة، واعتقد أنه فهم سبب كونها قد صارت كنيسة بارزة هكذا. لكن إن كان قد اهتم بالنظر إلى الصفحة الرئيسية للكنيسة على موقعها الإلكتروني، فهو بالتأكيد لم يفهم دلالة المقولة التي كتبتها الأخت جاين جيرمان أورتيز على تلك الصفحة:
لقد مات المسيح لأجلنا موتًا متقدًا بالمحبة والشغف، حتى تصير محبتنا له بالقدر نفسه من الشغف والقوة.
لم تكن كنيسة الأم إيمانويل الأفريقية الميثودية الأسقفية كنيسة فاترة، فإن شعبها يؤمنون – نعم يؤمنون- بأن يسوع المسيح مات على الصليب لأجل خطاياهم، وأنه مات بدافع محبة متقدة وشغوفة لهم، ولذلك فهم عليهم أن يحبوه محبة شغوفة ومتقدة أيضًا. وهم يعلمون أن محبتهم له تعني محبتهم للجميع – نعم الجميع، فهم يعرفون جيدًا كلماته:
سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ... وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ (متى 5: 43-45).
فهم يعلمون أن هذه الكلمات تمثل إرسالية المسيح، أي فكرته الجنونية. فهو من خلال موته، يعطي حياة، ومن خلال ذبيحته، يقدم الغفران، ومن خلال انكساره، يأتي بالشفاء، ومن خلال عمل خلاصه، يوحد من كانوا متفرقين عن بعضهم البعض.
وفيما ننوح ونحزن ونتخبط من روع ما تبدو لنا مأساة لا يمكن استيعابها، دعونا نستمع إلى إخوتنا وأخواتنا من كنيسة الأم إيمانويل ونتعلم منهم. ولنصغ لكلماتهم التي قالوها لقاتل أحبائهم في جلسة محاكمته.
ذكرت مجلة نيويورك تايمز الكلمات التي تفوه بها أفراد عائلات الضحايا كالتالي:
كان الأمر وكأن درس الكتاب المقدس لم يتوقف قط، فيما قدم أفراد عائلة الضحايا، الواحد بعد الآخر، دروسًا في الغفران، وشهادات عن إيمان لا يضعفه العنف أو الحزن. فقد دفعوه إلى التوبة، والاعتراف بخطاياه والرجوع إلى الله.
قالت نادين كوليير (ابنة إيثيل لانس):
فقط أريد أن يعرف الجميع أني أسامحك، لقد أخذت مني شيئًا ثمينًا للغاية، فأنا لن أتحدث إليها مرة أخرى أبدًا، ولن أتمكن من احتضانها مرة أخرى، لكني أسامحك، وأتراءف على نفسك. لقد آذيتني، وآذيت الكثيرين، لكن الله يسامحك، وأنا أيضًا أسامحك.أنتوني تومبسون (زوج ميرا تومبسون):
أنا أسامحك، وعائلتي تسامحك. لكننا نود منك أن تنتهز هذه الفرصة كي تتوب. تب واعترف، قدم حياتك للشخص الوحيد الذي يهم- المسيح. حتى يغيرها، ويغير طرقك بغض النظر عما سيحدث لك، ولكنك ستكون بخير. افعل هذا وسيكون حالك أفضل مما هو عليه الآن.فيليسيا ساندرز (والدة تيوانزا ساندرز):
لقد رحبنا بك في مساء الأربعاء في مجموعة درس الكتاب المقدس بصدر رحب، وأنت قتلت بعض الناس من أروع من أعرف. إن كل خلية وذرة في جسدي تتألم... ولن أعود مرة أخرى كما كنت. لقد كان تيوانزا ساندرز ابني، لكنه كان أيضًا بطلي. لكن، كما قلنا في الدرس، لقد استمتعنا بوجودك معنا، وليرحمك الله.واندا سيمونز (حفيدة دانيال سيمونز):
على الرغم من أن جدي والضحايا الآخرين قد ماتوا بأيدي البغضة والكراهية، لكن هذا برهان. فإن توسُّل الجميع لأجل نفسك هو برهان، على أنهم قد عاشوا في المحبة وأن وارثيهم سيعيشون في محبة، حتى لا تربح الكراهية. وفقط أريد أن أشكر هيئة القضاء لأجل اجتهادها في العمل على ألا تفوز الكراهية.بيثاني ميدلتون براون (شقيقة ديباين ميدلتون دوكتور):
كانت هذه شقيقتي، وأريد أن أشكركم نيابة عن عائلتي لعدم سماحكم للكراهية بالفوز. وبالنسبة لي، فأنا لازلت عملًا طور التقدم، وأقر بأني غاضبة للغاية. لكن يوجد شئ واحد لطالما غرسته ديباين في عائلتنا وهو أنها علمتني أننا نحن العائلة التي بنتها المحبة، وليس لدينا موضع أو مجال للكراهية، ولذلك علينا أن نغفر. أصلي إلى الله من أجل نفسك.وقد أجرى برنامج PBS NewsHour حوارًا مع مسئول إداري بالكنيسة، وسأله هاري سرينيفاسان عن رد فعله تجاه تعليقات هؤلاء الأعضاء.
هاري سرينيفاسان:
بالأمس كان من أكثر الأشياء التي أعتقد أنها كانت مؤثرة في كل شخص في البلاد كان هو الاستماع إلى التسجيلات الصوتية لأفراد عائلات الضحايا وما قالوه في مواجهتهم مع الرجل أو المشتبه فيه الذي يرجح أنه أودى بحياة أفراد عائلاتهم، وما قالوه بأنهم قد غفروا له. ما أعنيه أن ما كان مؤثرًا هو قوة معاينة شخص ما وهو يغفر والاستماع إليه. ما الذي دار في ذهنك؟ فهؤلاء كانوا من أبناء وأعضاء كنيستك.ويليام دودلي جريجوري:
لم يصدمني هذا على الإطلاق، لأن كنيسة الأم إيمانويل الأفريقية الميثودية الأسقفية هي كنيسة غافرة، فنحن نعلم مسبقًا أنك حين تحارب الكراهية بالكراهية، فحينها تكون أنت أيضًا قد فشلت. فلابد أن تحارب الكراهية بالمحبة، ولابد أن تحارب الكراهية بالغفران.لا، بل حقًا قد أثمر هذا البذل ثلاثين وستين ومائة لصالح مخلصهم. فإن اللطف الذي أبدوه تجاه القاتل الذي جلس بينهم، ورحمة عائلاتهم وكنيستهم له هزمت الشر العظيم الذي كان مخططًا له لأمتنا. فغفرانهم قد أخزى الغضب الذي كنا نريد أن نطلق له العنان. ورأفتهم، التي ليست سوى انعكاسًا لنعمة ورأفة الرب يسوع المسيح والتي تتقوى بالروح القدس، تلك النعمة والرأفة خدمت وأيدت المهمة الجنونية لسيدهم- كي تأتي بالشفاء والسلام.أحد الشعارات الهامة في كنيستنا هو عن الرجاء، فنحن نشعر جيدًا أن الحياة دون رجاء تشبه الحياة في ظلمة مستمرة. أما الرجاء فهو يحدق عبر الظلمة، ويرى النور، وينتظر حتى يأتي الصباح. هذا هو صباح كنسية إيمانويل. فإن بذل 9 أعضاء من كنيستنا لن يضيع هباء.
وهكذا اسمع مرة أخرى كلمات أنتوني تومبسون التي قالها لقاتل زوجته، والتي نرغب أن يسمعها كل خاطئ (أي جميعنا): "تب واعترف، قدم حياتك للشخص الوحيد الذي يهم- المسيح. حتى يغيرها، ويغير طرقك بغض النظر عما سيحدث لك، ولكنك ستكون بخير."
Teaching Elder, Executive Minister, 10th Presbyterian Church, Philadelphia, PA