هل لا يزال التكليف الحضاري ساريًا إلى يومنا هذا؟
nav
search
globe
monitor
monitor
globe
arrow left

خيارات متقدمة للبحث

إضافة أو حذف أو تحرير مصطلحات البحث:

أي من هذه الكلمات
كل هذه الكلمات
عبارة محددة
Select resource types:
أسئلة وإجابات
فيديو
يجب أن تعرض النتائج:
تفاصيل كاملة
أسماء الكاتب فقط

  Share

هل لا يزال التكليف الحضاري ساريًا إلى يومنا هذا؟

السؤال:
هل لا يزال التكليف الحضاري ساريًا إلى يومنا هذا؟
الإجابة:
حين خلق الله أبوينا الأوليّن، آدم وحواء، على صورته باركهما وأوصاهما قائلًا: "أثمِروا واكثُروا واملأوا الأرضَ، وأخضِعوها، وتَسَلَّطوا علَى سمَكِ البحرِ وعلَى طَيرِ السماءِ وعلَى كُلِّ حَيَوانٍ يَدِبُّ علَى الأرضِ." (تكوين 1: 28) هذا ما يطلق عليه علماء اللاهوت "التكليف الحضاري". ولا يزال تكليف الله للإنسان ساريًا بالاعتناء وإعمار الأرض والإثمار إلى هذا اليوم. فلم يكن هذا تكليفًا أعطي للإنسان في بداية الخليقة وتلاشى مع السقوط. فحتى بعد حادثة السقوط، نرى الله يؤكد للإنسان أن التكليف الحضاري لا يزال ساريًا ولكنه أصبح ممتزجًا بالألم والعمل الشاق، نتيجة لدخول الخطية إلى العالم. فيقول الكتاب: وقالَ للمَرأةِ: تكثيرًا أُكَثِّرُ أتعابَ حَبَلِكِ، بالوَجَعِ تلِدينَ أولادًا .... وقالَ لآدَمَ... مَلعونَةٌ الأرضُ بسَبَبِكَ. بالتَّعَبِ تأكُلُ مِنها كُلَّ أيّامِ حَياتِكَ. وشَوْكًا وحَسَكًا تُنبِتُ لكَ، وتأكُلُ عُشبَ الحَقلِ. بعَرَقِ وجهِكَ تأكُلُ خُبزًا.... (تكوين 3: 16-19) وحتى بعد طرد الإنسان من جنة عدن، يؤكد الوحي في تكوين 3: 23 على أن التكليف الحضاري لا يزال ساريًا بقوله: "فأخرَجَهُ الرَّبُّ الإلهُ مِنْ جَنَّةِ عَدنٍ ليَعمَلَ الأرضَ الّتي أُخِذَ مِنها." كما أننا نقرأ أنه حتى بعد فناء العالم القديم أيام نوح عبر الطوفان، أكد الله لنوح ونسله على ضرورة إتمام التكليف الحضاري مباشرة بعد خروجهم من الفُلك، بقوله: "وبارَكَ اللهُ نوحًا وبَنيهِ وقالَ لهُمْ: «أثمِروا واكثُروا واملأوا الأرضَ... فأثمِروا أنتُمْ واكثُروا وتَوالَدوا في الأرضِ وتَكاثَروا فيها." (تكوين 9: 1، 7) وكان قصد موسى من ذكر التكليف الحضاري في بداية سفر التكوين، هو تعليم شعب إسرائيل، وهو في طريقه لأرض الموعد، بأن عليهم طاعة ناموس الله وتتميم التكليف الحضاري في الأرض التي سيعطيها لهم، وأن تكون بمثابة نقطة انطلاق لهم نحو نشر ملكوت الله وسط الأمم من حولهم. ويمكنك تتبع هذا الحق عبر أسفار العهد القديم الذاخرة بالتأكيد على ضرورة أن يحيا شعب الله مقدّسًا على صورة الله القدوس (لاويين 11: 44-45)، تلك الصورة التي خلق الله عليها الإنسان من البدء (تكوين 1: 27)، حتى يتمكّن هذا الشعب من أن يقود سائر الأمم في طريقهم نحو معرفة الإله الحقيقي وعبادته. فنقرأ في الناموس كيف أن الله اختار شعبه القديم وأحسن إليهم ليكونوا بمثابة كهنته وخدامه الواقفين بينه وبين سائر الأمم، في قوله: "فالآنَ إنْ سمِعتُمْ لصوتي، وحَفِظتُمْ عَهدي تكونونَ لي خاصَّةً مِنْ بَينِ جميعِ الشُّعوبِ. فإنَّ لي كُلَّ الأرضِ. وأنتُمْ تكونونَ لي مَملكَةَ كهَنَةٍ وأُمَّةً مُقَدَّسَةً." (خروج 19: 5-6) وهذا ما قاد بعض أنبياء الله في العهد القديم مسوقين من الروح القدس للصلاة لأجل سائر الأمم ودعوتهم لعبادة الإله الحقيقي (مزمور 2: 10-12؛ 47: 1؛ إشعياء 30: 3). ولكن الغالبية العظمى من شعب إسرائيل لم تفهم هذا الدور الكهنوتي الذي كان عليها القيام به، فعاشوا منغلقين ومنحصرين في ذواتهم. لذا، حين آتى المسيح أعطى للتكليف الحضاري بُعدًا أعمق وأشمل، في وصيته العظمى التي تركها لتلاميذه قبل صعوده بجسده الممجد إلى السماء، والتي قال فيها: دُفِعَ إلَيَّ كُلُّ سُلطانٍ في السماءِ وعلَى الأرضِ، فاذهَبوا وتَلمِذوا جميعَ الأُمَمِ وعَمِّدوهُم باسمِ الآبِ والِابنِ والرّوحِ القُدُسِ. وعَلِّموهُم أنْ يَحفَظوا جميعَ ما أوصَيتُكُمْ بهِ. وها أنا معكُمْ كُلَّ الأيّامِ إلَى انقِضاءِ الدَّهرِ. (متى 28: 18-20) فقد أكد على أن أتباعه المؤمنين به، ليس فقط عليهم أن يتكاثروا كميًّا لضمان استمرار الحياة البشرية على الأرض، بل أيضًا كيفيًّا، بصناعة تلاميذ حقيقيين غايتهم أن يكونوا مشابهين صورة يسوع المسيح (رومية 8: 29). وأن يأخذوا بشارة الإنجيل واقتراب الملكوت إلى أقصى الأرض (أعمال الرسل 1: 8). وحين يأتي المسيح ثانيةً سيعطي للتكليف الحضاري كامل معناه. فعند عودة ثانيةً، سيبسط المسيح سلطانه على كافة ممالك العالم (رؤيا 11: 15؛ 12: 10)، ويجمع لنفسه شعبًا من الغالبين على صورته ليملك معه إلى أبد الآبدين، من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة (رؤيا 5: 9).

أجاب على هذا السؤال: مينا م. يوسف

مينا يوسف حاصل على ماجستير الآداب في الدراسات الاسلامية من جامعة كولومبيا الدولية، كولومبيا، ساوث كارولينا بالولايات المتحدة الأمريكية.