ما هي النعمة العامة؟
nav
search
globe
monitor
monitor
globe
arrow left

خيارات متقدمة للبحث

إضافة أو حذف أو تحرير مصطلحات البحث:

أي من هذه الكلمات
كل هذه الكلمات
عبارة محددة
Select resource types:
أسئلة وإجابات
فيديو
يجب أن تعرض النتائج:
تفاصيل كاملة
أسماء الكاتب فقط

  Share

ما هي النعمة العامة؟

السؤال:
ما هي النعمة العامة؟
الإجابة:

النعمة العامة تشير إلى نعمة الله التي يتمتع بها كل الناس بشكل عام. هي ليست تسمية أي شيء مما يفعله الله على أنه مجرد أمر شائع، كما يقول البعض. فكل عطايا الله، سواء أكانت عامة أم خاصة (النعمة المُخلِصة) هي مجيدة.

في النعمة العامة، يسكب الله رحمته وصلاحه في محبته العظيمة بطرق كثيرة. فهو يسكب محبته بطرق عديدة على كل البشر. يرسل الله أمطاره على الأبرار والظالمين على حد سواء (متى 5: 45). وكل من المختارين وغير المختارين يتشاركون في أشعة الشمس، وقوس قزح، وجمال الورد، وتيار الماء الذي يسري بهدوء، وجمال غروب الشمس البسيط مع كونه معقد.

كما أن الشر ليس بالسوء ولا بالانتشار الذي يمكن أن يصل إليه. فحتى هتلر لم يصل بالشر لكل ما كان من الممكن أن يصل إليه تمجيدًا للشيطان وحده. فالأنواع المختلفة من الشر محجمة بطرق مختلفة من خلال وسائل مختلفة (الحكومات العلمانية، القوانين، تطبيق القانون، اتزان السلطة، إلخ). نحن نعيش في عالم مليء بالشر، ولكن الشر لم يصل لأقصاه فيه. فالله في نعمته العامة يكبح الكثير من هذا الشر.

يقول لويس بركوف Louis Berkhof في كتابه اللاهوت النظامي (Wm. B. Eerdmans Publishing Co., 1968, pp. 432-446):

إن أصل عقيدة النعمة العامة ارتبط بحقيقة وجود مسار طبيعي للحياة في العالم، إلى جانب مسار الحياة المسيحية بكل بركاتها، والذي هو غير فدائي ومع ذلك يُظهر العديد من آثار الحق، والصلاح، والجمال. ظهر السؤال: كيف يمكننا أن نشرح الحياة المنتظمة نسبيًا في العالم، بالنظر إلى أن العالم أجمع موجود تحت لعنة الخطية؟ كيف تُخرج الأرض الثمار الرائعة في غنى ولا تخرج الشوك والحسك فقط ببساطة؟ كيف يمكننا أن نفهم أن الرجل الخاطئ يظل محتفظًا ببعض المعرفة عن الله، والأمور الطبيعية، والاختلاف بين الخير والشر، ويُظهر بعض التقدير للفضيلة والسلوك الخارجي الجيد؟ كيف تشرح المواهب الخاصة التي تُمنح للإنسان الطبيعي، وتطور العلم والفنون على يد من هم بعيدون تمامًا عن الحياة الجديدة التي في المسيح يسوع؟ كيف يمكننا أن نشرح السعي الديني للبشر في كل مكان، حتى أولئك الذين لم يتعرفوا على الديانة المسيحية؟ كيف يمكن للشخص الذي لم يختبر التجديد أن يتكلم بالحق بالرغم من ذلك، وأن يفعل الأمور الجيدة للآخرين، وأن يسلك حياة الفضيلة الخارجية؟

يقول تشارلز هودج Charles Hodge في كتابه للاهوت النظامي Systematic (vol. 2, Wm. B. Eerdmans Publishing Co., 1997, pp 654-675):

كون أنه يوجد تأثير إلهي للروح القدس المُعطى لكل البشر، فهذا أمر واضح من الكتاب المقدس كما من الاختبار للتأثير العام للروح (أو للنعمة العامة) وندين له: 1- بكل الانضباط، والنظام، والنقاء والفضيلة الموجودة وسط البشر. 2- بنفس الوسيط الإلهي الذي نكن له بهذا الخوف العام لله بشكل خاص، والاحساس الديني السائد وسط البشر. 3- يشير الكتاب المقدس إلى هذا التأثير العام للروح القدس في تلك الاختبارات الدينية التي تختلف في صفاتها ودرجاتها، والتي تحدث في الكثير من الأحيان حيث لا يوجد تحول أصيل أو لا يتبعها تجديد.

يتناول فرانسيس ترتان Francis Turretinهذا الموضوع أيضًا تحت العنوان المتعلق بالعناية الإلهية في كتابه (Institutes of Elenctic Theology) فيقول:

... نؤمن أن كل الأشياء بدون استثناء هي تحت العناية الإلهية: سواء أكانت سماوية أو أرضية، كبيرة أو صغيرة، الزامية وطبيعية أو حرة ومشروطة. وبالتالي، فإنه لا شيء في طبيعة الأمور يمكن أن يُمنح أو يحدث وهو لا يعتمد عليها. الأسباب هي: 1- خلق الله كل الأشياء، لذا فهو يهتم بكل الأشياء أيضًا. لأنه إن كان ممجدًا لله أن يخلقهم، فالاعتناء بها ليس بالأمر الغير لائق به. بالعكس، فكما خلقها، فهو ملتزم بحفظها وإدارتها بشكل مستمر، لأنه لا يهجر عمل يديه أبدًا، بل هو حاضر على الدوام معها حتى لا تغرق مرة أخرى إلى العدم.

يقول جون نوكس John Knox في كتابه "حول التعيين السابق" On Predestination (p. 87):

بعد هذه المراحم العامة، والتي يشترك فيها دائمًا الأشرار، أقول إنه يفتح كنوز رحمته الغنية والمحفوظة في المسيح يسوع من أجل مختاريه. فمن يفرحون طوعًا وليسوا عميانًا، يستطيعون أن يروا بوضوح أن الروح القدس يميز بشكل واضح بين النعم والمراحم العامة للجميع، والرحمة كليّة السيادة المحفوظة بشكل ثابت للأبناء المختارين.

قال روبرت هاريس Robert Harris، واحد من لاهوتي محفل وستمنستر:

يوجد نوعان من النعمة. أولاً، النعمة العامة، والتي يمكن أن يحصل عليها حتى الهالكين. ثانيًا، النعمة الخاصة، والتي تصحب الخلاص، كما قال عنها الرسول بولس، والتي تخص أبناء الله فقط. الأمر لا يتعلق بما إن كنا نتمتع بالنوع الأول من النعمة أم لا، لأن هذا النوع لا يختم محبة الله الخاصة على نفس الإنسان، ولكنها النعمة المُخلِّصة وحدها هي التي تستطيع القيام بهذا الأمر من أجلنا.

احتفظت ببعض الاقتباسات من جون كالفن، بسبب التأكيد الخاطئ لبعضهم (الذين يُسمون في العادة الكالفينيون المتطرفون Hyper-Calvinists)، بأن كالفن كان ضد مثل هذه العقيدة. إلا أن هذا الأمر بعيد كل البعد عن الحق. فقد كتب في كتابه "أسس الإيمان Institutes ":

وبالتالي، فإن بولس، بعدما ذكر الأثينيين أنه يمكنهم أن: "يَطْلُبُوا اللهَ لَعَلَّهُمْ يَتَلَمَّسُونَهُ"، يضيف فورًا: "أَنَّهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا لَيْسَ بَعِيدًا" (أعمال الرسل 17: 27). فكل إنسان لديه في داخله الدلائل الغير مشكوك فيها على النعمة السماوية التي بها يحيا، ويتحرك، ويوجد. (الكتاب الأول فصل 5: 3).

اقرأ لدموستنز Demosthenes أو سيسرو Cicero، اقرأ لأفلاطون أو أرسطو أو لأي كاتب آخر من هذه الفئة: أقر أنك ستشعر بفخر عظيم، ورضى، وبمشاعر متحركة، وبأنك مفتون. ولكن تحول منهم إلى قراءة الكتاب المقدس، وسواء فعلت أم لم تفعل، فإنه سيؤثر بك، سيخترق قلبك، سيشق طريقه فيك بكل تأكيد وصولاً إلى المخاخ نفسه، وأنه بالمقارنة، فإن الانطباع الناتج عن الخطباء والفلاسفة سيختفي تقريبًا فيظهر أن في الكتاب المقدس يوجد الحق الإلهي، الشيء الذي يجعله أسمى بشكل لا يقاس من كل العطايا والنعم التي يمكن للإنسان أن يحصل عليها. (الكتاب الأول الفصل 8: 1).

قوة الذهن، ثانيًا، فيما يختص بالفنون. المواهب الخاصة فيما يختص بهذا الأمر والتي تُمنح للأفراد، والتي تشهد بنعمة الله. (الفصل 2، العنوان).

في كون أن البعض يتفوقون في الفطنة، والبعض في الحُكم والتمييز، بينما يكون لدى الآخرين الاستعداد الأكبر لتعلم فن معين، فإن الله، من خلال هذا التنوع يظهر فضله لنا، لئلا يفترض أحد أن يُسند لنفسه ما ينسكب فقط من سخاء الله. لأنه من أين يمكن لأحد أن يكون أفضل من الآخر، غير أنه في الطبيعة المشتركة تظهر نعمة الله بشكل خاص عن طريق تجاوزها الكثيرين وبالتالي تعلن أنها ليست مُلزَمة تجاه أحد. (الكتاب الثاني، الفصل 2: 17).

ولكن يجب علينا أن نلاحظ أنه، بغض النظر عن فساد طبيعتنا، إلا أنه يوجد مجال للنعمة الإلهية، تلك النعمة التي، بدون تطهير الطبيعة، إلا أنها تضعها تحت القيود الداخلية. لأنه إن ترك الرب كل ذهن حر ليسرف في شهواته، فبدون شك لن يوجد انسان لن يظهر أن طبيعته قادرة على ارتكاب كل الجرائم التي يعددها بولس. (الكتاب 2، الفصل 3: 3).

ومع ذلك، فإن أضمن وأسهل رد على الاعتراض، هو أن هذه ليست هبات عامة للطبيعة، بل عطايا خاصة لله، والتي يوزعها بأشكال مختلفة، وبمقدار محدد، لأناس أشرار. لهذا السبب لا نتردد في أن نقول، بلغة عامة، أن واحد له طبيعة صالحة، والأخر له طبيعة شريرة، بالرغم من أننا لا نتوقف عن التمسك بأن كلاهما موجودين تحت الحالة العامة للفساد البشري. كل ما نعنيه هو أن الله منح الواحد نعمة خاصة والتي لم يرى أن يعطيها للآخر. فعندما رضى بأن يستأمن شاول على المملكة، جعله منه كما لو كان إنسانًا جديدًا. (الكتاب الثاني الفصل 3: 4).

يؤمن الأشرار بأن الله يصفح لهم، بسبب قبولهم لعطية التصالح، بالرغم من أن هذا يتم بارتباك وبدون الفهم اللازم، ليس أنهم شركاء في نفس الإيمان أو في التجديد مع أبناء الله، ولكن لأنهم، تحت غطاء من النفاق، يبدو أن لديهم مبدأ الإيمان مشترك معهم. ولا أنكر أن الله ينير أذهانهم إلى هذه الدرجة حتى يدركوا نعمته. ولكنه يميز بين هذه القناعة والشهادة الخاصة التي يعطيها لمختاريه فيما يختص بهذا الأمر، والتي لا يصل الأشرار أبدًا إلى نتائجها كاملة أو إلى الاستمتاع بها بشكل كامل. عندما يُعلن عن نفسه لهم أنه صفوح، فهو ليس وكأنه أنقذهم من الموت حقًا، وأخذهم تحت حمايته. بل يعطيهم فقط إعلانًا عن رحمته الحالية. في المختارين فقط يزرع جذور الإيمان الحي، حتى يثابروا حتى النهاية. وبهذا نحسم الاعتراض القائل بأنه إن كان الله يعرض نعمته حقًا، يجب أن تستمر للأبد. فلا يوجد في هذا الأمر شيئًا لا يتماشى مع حقيقة تنويره للبعض بإحساس حالي للنعمة، والذي يثبت بعد ذلك أنه زائل. (الكتاب الثالث، الفصل 2: 11).

كما هو الحال مع تمرد الإنسان الأول، فإن يمكن لصورة الله أن تتأثر بذهنه وروحه، فلا يوجد ما هو غريب في أن يلقي الله بعض من شعاع النعمة على الأشرار، ثم يسمح بعد ذلك أن يُطفأ هذا الشعاع. (الكتاب الثالث، الفصل 2: 12).

لا يوجد شك في أن الله على استعداد أن يسامح عندما يرجع الخاطئ. لذا، فهو لا يشاء موته، بقدر ما يرغب في التوبة. ولكن الخبرة تبين أن تلك الإرادة، لتوبة من يدعوهم لنفسه، ليست تلك التي تجعله يلمس كل قلوبهم. ومع ذلك لا يمكننا أن نقول إنه يعمل بخداع. لأنه بالرغم من أن الكلمة الخارجية تجعل من يسمعونها ولا يطيعونها بلا عذر، إلا أنها لازالت تعتبر حقًا دليلاً على النعمة التي يُصالح بها البشر لنفسه. (الكتاب الثالث، الفصل 24: 15).

لأنه بما أن سقوط آدم قد أحضر الخزي على كل ذريته، فإن الله يسترد من فرزهم بكونهم خاصته، حتى تكون حالتهم أفضل من باقي الأمم الأخرى. في نفس الوقت يجب أن نلاحظ أن نعمة تجديده ممحية في الكثيرين ممن دنسوها في وقت لاحق. (تفسير التثنية 32: 6).

ولكن الازدهار، والأحداث السعيد، يجب أيضًا أن تُنسب إلى نعمته، حتى يأخذ المدح الذي يستحقه دائمًا، لكونه أب رحيم، وقاض غير متحيز. عند ختام المزمور تقريبًا، يندد بهؤلاء البشر الفجّار الذين لا يعترفون بيد الله، وسط هذه الاظهارات الواضحة لعنايته. (تفسير مزمور 107).

كون أن الله قصد بالفعل ألا يُفضل أحد إلا المختارين وحدهم ليعطيهم روح التجديد، وأنه بهذا يمتازون عن الأشرار، لأنهم يتجددون بحسب صورته ويستقبلون عربون الروح على رجاء انتظار الميراث المستقبلي، وبنفس الروح القدس يُختم الإنجيل في قلوبهم. ولكني لا أقدر أن أعترف أن كل هذا سبب يجعله لا يمنح الأشرار القليل ليتذوقوا نعمته أيضًا، لماذا لا يجب عليه أن ينير أذهانهم ببعض البريق من نوره؟، لماذا لا يجب أن يعطيهم بعض من فهم صلاحه، وبشكل ما ينقش كلمته في قلوبهم." (تفسير العبرانيين 6: 5).

لذا، فهو يُدعى عن حق "روح النعمة"، الذي من خلاله يصبح المسيح لنا بكل بركاته. ولكن إهانته أو معاملته باحتقار، وهو الذي نُمنح من خلاله الكثير من المميزات، فهو شر عظيم. وبالتالي، يجب أن تتعلم أن كل من يرون عن قصد نعمته غير مفيدة، النعمة التي رضى بأن يعطيها لهم، هم يتعاملون بازدراء تجاه روح الله. لذا فلا عجب أن يقاوم الله مثل هذا التجديف بشكل حاسم. لا عجب أن يظهر نفسه على أنه لا يرحم من يدوسون على المسيح الوسيط بأقدامهم، هذا الذي وحده يصالحنا لنفسه. لا عجب أن يغلق طريق الخلاص ضد من يرفضوا الروح القدس، المرشد الوحيد الحقيقي. (تفسير العبرانيين 10: 29).

يوجد أبناء لله لا يبدون لنا كذلك بعد، ولكنهم يبدون هكذا الآن لله. ويوجد من ندعوهم أبناء الله استنادًا على نعمة مؤقتة أو مزيفة نوعًا ما، ولكنهم ليسوا كذلك بالنسبة لله. (Concerning the Eternal Predestination of God, p. 66).

إن النعمة العامة هي عقيدة مُصلَحة.

أجاب على هذا السؤال: د. جوزيف ر. نالي

الدكتور جوزيف نالي، حاصل على درجة الماجستير في اللاهوت الرعوي والدكتوراه في اللاهوت، هو محرر لاهوتيّ في خدمات الألفيّة الثالثة.